8 - ثقافة الإستقواء و الطبقية و اللى مالهوش ظهر

 



إنت مش عارف أنا مين؟

اللى مالهوش ظهر ينضرب على بطنه

يا بخت مين كان النقيب خاله

كل هذه الأمثال الشعبية تعبر عن ثقافة مترسخه فى العقلية المصرية ؛ و أساس هذه الثقافة نابعة من الطبقية و هى ثقافة الأستعلاء و الإحتماء بالطبقة الإجتماعية

 الطبقية لم تنتهى فى مصر عندما أعلن نظام عبد الناصر محاربة الطبقية ؛ بل أستبدلت من طبقة إقطاعيين يرضى عنهم القصر الملكى بطبقة مصالح ترضى عنهم مؤسسة الرئاسة

الطبقية لها وجود في مجتمعات عديدة خاصة في الدول الملكية التى بها طبقة من الأعيان (الطبقة الأرستقراطية)  و هى ليست مشكلة فى حد ذاتها ؛ و لكن المشكلة تكمن فى أن تحصل هذه الطبقة على معاملة خاصة أمام أجهزة الدولة أو أمام القضاء أو فى الحصول على فرص العمل و الإستثمار دون غيرهم من المواطنين ؛ فتزداد الهوة الإجتماعية وتزداد هذه الطبقة ثراء و سيطرة على مقاليد الأمور

الطبقية تقضى على العدالة و تكافؤ الفرص فى المجتمعات المتخلفة حضارياً ؛ و تحد من تكافؤ الفرص فى الدول المتحضرة ؛ كمثال ففى المملكة المتحدة هناك إحصائيات تظهر أن معظم القادة السياسيين و العسكريين و رؤساء مجالس الأدارة في البنوك و المؤسسات العملاقة خريجى مدرسة إيتون وجامعة أوكسفورد و هما الأكثر تكلفة و التى لا يقدر عليها سوى طبقة الأغنياء و الأعيان

دايفد كاميرون و بوريس جونسون و ريشى سوناك رؤساء وزارة المملكة المتحدة يشتركون معا فى أنهم جميعا خريجى أوكسفورد

الطبقية لم تظهر فى مصر مع دخول الأحتلال البريطانى ؛ و لا مع الإحتلال التركى و من بعده أسرة محمد على ؛ و لا حتى مع المماليك و الأعيان و إستعبادهم لباقى طبقات الشعب ؛ أو حتى مع الأحتلال الرومانى أو البطلمى بل بدأت منذ عصر الفراعنة ؛ و نرى ذلك جليا واضاحاً فى قصة الفلاح الفصيح الذى ظلمه أحد الأعيان ليستولى على المحصول الزراعى و على حمير الفلاح بحجة أن حمير الفلاح أتلفت سجاجيد الرجل الغنى الذى أمر خدمه بوضعها فى طريق حمير الفلاح بين السور و الترعة  فلم يكن هناك سبيل آخر للوصول للسوق إلا بأن تطأ الحمير فوق السجاجيد ؛ المعضلة فى هذه القصة أن مندوب الفرعون أعجب بفصاحة الفلاح فى سرد القضية و عرض القصة ؛ فأوصل القصة للفرعون الذى أمر بتسجيلها فى البرديات ؛ لكن العجيب أنه لم نعرف بماذا حكم القاضى أو الفرعون فى هذه القصة ؛ فالنهاية مفتوحة لأنه من المستحيل أن يسجل الفرعون أن الحق مع الفلاح و أن الأقطاعى تم عقابه أو حتى تم أمره بإعادة ما إستولى عليه للفلاح ؛ فحكم مثل هذا سيقض دولة الفرعون

دولة الفرعون أهم أعمدتها الطبقية و عدم تكافؤ الفرص ؛ لن تستقيم الأمور فى دولة ليس بها عدالة إجتماعية و لا يقف الجميع فيها سواسية أمام القضاء ؛ حتى فى بريطانيا الأكثر طبقية فى العالم المتحضر يقف الجميع فبها سواسية أمام القضاء

 لا أمل فى دولة مثل مصر أن تتقدم أو تتحضر طالما آمن الناس بالمثل الشعبى أن العين ما تعلاش عن الحاجب فالعين لها وظيفة تختلف عن الحاجب الذى يعلو عن العين ليحميها من العرق ؛ ليس بالأفضلية و لكن بالوظيفة ؛ فى المجتمعات المتحضرة حقاً لكل مواطن دور فى المجتمع و الأدنى فى المكانة هو من يخالف القانون أو يعيش عالة على المجتمع 

إحترام حقوق الآخرين و إقرار العدل أساس الحضارة و لن نرتقى كدولة طالما تفاخرنا بالأنساب أو أردنا أن نتعالى على غيرنا بالمكانة الإختماعية

 


Comments

Popular posts from this blog

2 - مفهوم سيادة المواطن

1- مفهوم الدولة أو الوطن

3 - أهمية طريقة إنتقال الحكم (تداول السلطة) فى استقرار الدولة و مستوى حضارتها